الممثل توم كروز ـ النجم السينمائي رقم واحد في العالم
قد لا يكون هناك ممثل يجسد مفهوم (النجومية) السينمائية في الوقت الراهن كالممثل الأميركي توم كروز. وقد أكسبته شعبية أفلامه على شباك التذاكر لقب (النجم السينمائي رقم واحد في العالم)، وهو لقب استحقه عن جدارة في عالم هوليوود الذي لا يفهم شيئاً ويقدّره كما يفهم ويقدّر لغة الأرقام.
ويحتل الممثل توم كروز المركز الأول بين نجوم هوليوود في الإيرادات الإجمالية لأفلامه على مدى الاثني عشر عاماً الماضية. ويبلغ معدل الإيرادات العالمية الإجمالية لأفلامه التسعة الأخيرة منذ العام 1994 أكثر من 300 مليون دولار للفيلم، وهو إنجاز لم يحققه أي ممثل آخر. وتقدر الإيرادات العالمية الإجمالية لأفلام الممثل توم كروز على شباك التذاكر بأكثر من 4.5 بليون دولار، ويحتل المركز الثالث بين نجوم هوليوود في عدد الأفلام التي حقق كل منها أكثر من 100 مليون دولار على شباك التذاكر بعد الممثلين توم هانكس وهاريسون فورد، وهي عشرة أفلام، ومن المتوقع أن يتحول هذا الرقم إلى 11 فيلماً خلال أيام بفضل النجاح الكبير الذي يحققه فيلمه التاريخي الملحمي الجديد (الساموراي الأخير) حالياً في دور السينما الأميركية. وقد حصد هذا الفيلم أكثر من 24 مليون دولار على شباك التذاكر خلال الأيام الثلاثة الأولى لعرضه في صالات العرض الأميركية.
ويحصل توم كروز على واحد من أعلى الأجور بين نجوم هوليوود، فهو واحد من نخبة من نجوم هوليوود الذين يتقاضون 25 مليون دولار عن الفيلم، إلاّ أن هذا المبلغ لا يشكل سوى جزء من الأجر الفعلي لتوم كروز عن الفيلم. فقد حصل في فيلميه الأخيرين على نسبة 30 بالمائة من أرباحهما إضافة إلى أجره الأساسي. وهذان الفيلمان هما (سماء الفانيلا) (2001) و(تقرير الأقلية) (2002). وحصل قبل ذلك على نسبة 30 بالمائة من الإيرادات الإجمالية لفيلم الحركة والمغامرات (مهمة مستحيلة - الجزء الثاني) (2000) بالإضافة إلى أجره الأساسي، وبذلك بلغ دخله الإجمالي من هذا الفيلم 55 مليون دولار. يشار إلى أن النسبة المقتطعة من الإيرادات الإجمالية للفيلم أكثر بكثير من تلك المقتطعة من أرباحه الصافية، لأن الأرباح الصافية هي، بطبيعة الحال، جزء من الإيرادات الإجمالية على شباك التذاكر.
ومن الإنجازات الفريدة للممثل توم كروز أنه الممثل الوحيد الذي لم يتعرض أي من أفلامه للفشل على شباك التذاكر، وهو إنجاز لا يستطيع أي نجم سينمائي آخر ادعاءه، بمن في ذلك توم هانكس وهاريسون فورد وميل جيبسون وبروس ويليس وجوليا روبرتس وآرنولد شوارزينجير وسيلفستر ستالون وجيم كاري وإيدي ميرفي وكيفين كوستنر، وهم جميعاً من أعضاء نادي العشرين مليون دولار، ولكن لم تخل حصيلتهم السينمائية من بعض الأفلام الفاشلة التي منيت بخسائر مالية جسيمة.
وينطبق على الممثل توم كروز المثل القائل (إن كل ما يلمسه يتحول إلى ذهب). فهو حالة استثنائية وفريدة في هذا المجال. وقد لعب الحظ دوراً في نجاحه في بداية مشواره السينمائي، ولكن الفضل يعود إلى حسن اختياره لأدواره السينمائية وإلى ذكائه وحسن إطلاعه ونفوذه في هوليوود في النجاح الكبير الذي يقترن بشخصيته السينمائية. ورغم الشعبية الواسعة التي يتمتع بها الممثل توم كروز داخل الولايات المتحدة وخارجها، فهو معروف بالتزامه المهني وبقراراته العملية الحازمة وتواضعه وسهولة التعامل معه، مما حببه إلى نفوس المخرجين السينمائيين وزملائه السينمائيين والممثلين والفنيين الذي يعملون في أفلامه. كما أنه معروف بمقدرته في التمثيل وبنضوجه المستمر كممثل وباختياره للأدوار الجادة إلى جانب أدواره في أفلام الحركة والمغامرات، مما أكسبه العديد من الجوائز السينمائية بينها ثلاث من جوائز الكرات الذهبية وثلاثة ترشيحات لجائزة الأوسكار. ونجده مثلاً يقبل بالقيام بدور مساعد في فيلم (مغنوليا) (1999) وهو في قمة نجوميته السينمائية، ويرشح عن ذلك الدور لجائزة الأوسكار.
وتثير الإنجازات الفنية الفذة التي حققها توم كروز الإعجاب، خاصة إذا ما تذكرنا أنه عاش طفولة قاسية في أسرة فقيرة. وبعد طلاق والديه في سن مبكرة عاش مع شقيقاته الثلاث في كنف والدته وزوجها الثاني الذي كان دائم التنقل بحكم وظيفته العسكرية، مما اضطر توم كروز إلى الدراسة في خمس عشرة مدرسة في الولايات المتحدة وكندا بحلول سن الرابعة عشرة. كما أنه كان يعاني من بطء التعلم وعسر القراءة وحتى من عدم التمكن من استخدام القاموس. إلاّ أن هذا الفنان استعاد ثقته بنفسه على المسرح ثم في السينما، وتحوّل هذا الممثل الذي كان يعاني من عسر القراءة إلى واحد من أقدر الممثلين على قراءة واختيار النصوص السينمائية المميزة. وينعكس ذلك في سلسلة الأفلام الناجحة فنياً وتجارياً التي قام ببطولتها على مدى أكثر من عشرين عاماً. وقد ارتفع أجر الممثل توم كروز من 850 دولاراً عن فيلم (قرع الطبول) في العام 1981 إلى 55 مليون دولار عن فيلم (مهمة مستحيلة - الجزء الثاني) في العام 2000.
وأمضى توم كروز جزءاً من مرحلته الدراسية في معهد للاهوت وكان يطمح لأن يكون قسيساً كاثوليكياً، (من المفارقات أن توم كروز اعتنق المذهب الديني العلمي في العام 1990) إلاّ أن عشقه للتمثيل تغلب عليه ونشط فيه في المدرسة الثانوية، خاصة بعد أن أصيب بجرح في ركبته، مما حوله من رياضة المصارعة في المدرسة إلى هواية التمثيل. ثم قرر التوقف عن الدراسة قبل التخرج وتوجّه إلى مدينة نيويورك، كما يفعل الكثيرين من الممثلين الطموحين، حيث بدأ حياته العملية في مطاعم مدينة نيويورك يخدم زبائنها ويواصل البحث عن عمل في المسرح وفي الإعلانات التليفزيونية، وهو يواصل دراسة التمثيل، وظهر في بعض الأدوار المسرحية، ثم حالفه الحظ حين أسند له المخرج الإيطالي المعروف فرانكو زيفيرللي دوراً صغيراً في فيلم (حب لا ينتهي)
في العام 1981. وفي نفس العام أسند له المخرج هارولد بيكر دوراً صغيراً يقتصر على سطر واحد في فيلم (قرع الطبول)، إلاّ أن أداءه آثار إعجاب المخرج الذي قرر تطوير الدور أثناء تصوير مشاهد الفيلم، ومنح توم كروز الدور الثالث في الفيلم بعد الممثلين الشابين تيموثي هاتون وشون بين. ومن المفارقات أن توم كروز تردد في قبول الدور الموسع في الفيلم، ولم يقبله إلاّ بعد أن هدده المخرج بحرمانه كلياً من الظهور في الفيلم.
وبعد ذلك ظهر توم كروز في سلسلة من الأفلام الناجحة، ومن أبرزها فيلم (عمل مجازف) (1983) الذي ثبّت مكانته كأحد أفراد جيل الممثلين الشباب الصاعدين في هوليوود. إلاّ أن الفيلم الذي جلب له النجومية بالفعل هو فيلم (نخبة الطيارين)، وهو من أفلام الحركة والمغامرات الغرامية، وكان هذا الفيلم أنجح أفلام العام 1986 على شباك التذاكر.
وفي نفس العام تقاسم توم كروز مع الممثل بول نيومان بطولة الفيلم المتميز (لون النقود) (1986)، ثم واصل صعوده في أفلام متميزة أخرى كفيلم (رجل المطر) (1988) وفيلم (مولود في الرابع من يوليو) (1989) الذي حصل فيه على ترشيحه الأول لجائزة الأوسكار، وفيلم (أيام الرعد) (1990) وفيلم (بعيداً ، بعيداً) (1992) وفيلم (عيون مغمضة ومفتحة) (1999)، وقد تقاسم بطولة الأفلام الثلاثة الأخيرة مع زوجته السابقة النجمة السينمائية الأسترالية (نيكول كيدمان). ومن أفلام توم كروز المتميزة الأخرى فيلم (قلة من الرجال الطيبين) (1992) و(الشركة) (1993) ، و(مهمة مستحيلة) (1996) و(جيري ماكواير) (1996) و(مغنوليا) (1999) ، و(مهمة مستحيلة - الجزء الثاني) (2000) و(سماء الفانيلا) (2001) و(تقرير الأقلية) (2002). وسيقوم الممثل توم كروز في العام القادم ببطولة فيلمين جديدين هما (الضمانة الإضافية) و(مهمة مستحيلة - الجزء الثالث) الذي يواصل فيه مغامرات الفيلمين السابقين في هذه السلسلة، وهما من أكثر الأفلام نجاحاً على شباك التذاكر خلال السنوات القليلة الماضية، فقد بلغت إيراداتهما العالمية الإجمالية بليون دولار.
لقد ساعدت المواهب الفياضة للممثل توم كروز، والجاذبية الخاصة التي يتمتع بها، والتي تقترن بابتسامته الساحرة، وضربة الحظ التي حالفته، على جعله أنجح ممثل على شباك التذاكر في العالم . وهو فنان تحبه النساء ويحسده الرجال. وقد نجح بمثابرته ومواهبه في تحقيق المهمة الصعبة المتمثلة في الوصول إلى القمة، ولكنه حقق أيضاً المهمة الأصعب، وهي البقاء في القمة.
ويقول المخرج إيد زويك مخرج فيلم (الساموراي الأخير) إن الناس ينجذبون إلى توم كروز بشكل لم يحققه أي ممثل آخر. فهم يشعرون بأنهم يعرفونه طوال حياتهم).
ويقول أحد نقاد السينما لو أن أحداً أبلغ الشاب الفقير توم كروز حين كان طالباً في معهد للاهوت في سن الخامسة عشرة أنه سيصبح ذات يوم أشهر ممثل سينمائي في العالم لقال له إن ذلك أشبه بضرب من الخيال.
الجمعة يونيو 29, 2007 12:44 pm